الفصل الدراسي: مساحة آمنة

بواسطة | أبريل 3, 2025 | Uncategorised, عام | 0 تعليقات

في كل فصل دراسي، هناك تلميذ لم يحصل يومًا على شهادة تكريم، أو على درجة عالية، أو حتى على كلمة تشجيع. هناك تلميذ لم يُمنح يومًا الفرصة للوقوف أمام زملائه ليتحدث، ليس لأنه لا يملك ما يقوله، بل لأن الخوف يقيّده، الخوف من الخطأ، أو من السخرية، أو حتى من التوبيخ.  هؤلاء التلاميذ غالبًا ما يجدون أنفسهم في ظلال الصفوف، بعيدين عن الأضواء. قد يرفعون أيديهم للإجابة، ولكن لا يتم اختيارهم، أو قد يختبئون وراء صمتهم لأنهم لا يريدون المخاطرة.

في كل فصل دراسي، هناك تلميذ يرتكب سلوكيات غير مرغوبة فيكتب أسمه على اللوح وسُمعته تتشكل حول كونه “مزعج” أو “مشاغب”. يتم معاقبته وحرمانه من الاستراحة أو حصة الرياضة أو الأنشطة ويستمر العقاب وتستمر السلوكيات السيئة لأننا لم نعالج أساس المشكلة.

لكن ما الذي يحدث حقًا لهؤلاء التلاميذ؟ ما هو التأثير العميق الذي تتركه هذه التجارب على شخصياتهم؟

الألم الذي يعيشونه في الفصل وفي المدرسة يشكل شخصياتهم. ينمون وفي قلوبهم مزيج من الخوف والغضب وعدم الثقة بالنفس. يكبرون وهم يحملون ندوبًا نفسية قد تدفعهم إلى عزلة اجتماعية أو سلوكيات معاندة للمجتمع.

هؤلاء التلاميذ هم في حقيقة الأمر فرص ضائعة للمجتمع. كم من موهبة لم تكتشف، وكم من فكرة لم تتولد، وكم من قصة نجاح لم تكتب بسبب عدم ملاءمة البيئة لهم أو بسبب عدم الاستماع لهم: لضيق الوقت أو لكثرة التلاميذ التي يدرسها المعلم.

ما نحتاج إليه في الفصول هو مساحات آمنة يستطيع فيها كل تلميذ التعبير عن نفسه بدون خوف، والتعلم من أخطائه بدون الإحساس بالخطر. نحتاج لمعلمين يفهمون أن كل تلميذ هو كائن فريد، وأن الدعم النفسي والتشجيع هو مفتاح لنجاحهم.

يقول Eric Jensen في كتابه Brain-Based Learning ص.76 الرجاء التوقف عن:

كتابة اسم التلميذ “المشاغب” على اللوح

وضع جداول على اللوح مخصصة للسلوك الجيد والسلوك السيء حيث تكتب أسماء التلاميذ

إضافة العلامات أمام أسماء التلاميذ ونشرها

استخدام اللون الأحمر، الأصفر، الأخضر لتصنيف سلوك التلاميذ

استخدام نظام يعتمد على النقاط لمكافئة التلاميذ

كل هذه الأساليب تؤثر سلبا على الدماغ وعلى عملية التعلم.

لذا أشدد دائما على أهمية العلاقات التي ننسجها داخل الفصل والتعرف على جميع التلاميذ… أتذكره جيدًا هذا التمرين الذي قمت به مع تلاميذي حيث تم لصق ورقة بيضاء مرسوم عليها قلب على ظهر كل متعلم وكان على الزملاء كتابة صفات إيجابية لهم. مع انتهاء التمرين يقرأ التلميذ كل الصفات الإيجابية التي يراها الأصدقاء. انها فرصة لمشاركة الجميع والاحتفال بالجميع وليس بتلميذ واحد مجتهد ومهذب ويسمع الكلمة وعادة هذا التلميذ يحصد كل الجوائز والانتباه. كثيرة هي الأفكار التي تساعد على بناء مجتمع صفي أساسه الاحترام والمسؤولية ومن أهمها اشراك جميع التلاميذ في أخذ القرار، الاستماع لهم واعطائهم الفرصة للتعبير والمشاركة الفعالة.

وأنتم ماذا تفعلون لتشكيل هذه المساحة الآمنة والتعرف على جميع التلاميذ؟

4.5 2 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments