قد يستغرب البعض من هذا العنوان، ولكنكم تعلمون أنني أكتب وأتشارك معكم قصصًا حدثت معي وبالطبع لابد أن أربطها بمهنتي ألا وهي التعليم والتدريب. حبي للسفر جعلني ألتقي بمرشدين سياحيين من مختلف الجنسيات سأتحدث عن أربع تجارب وأقارن كل تجربة بما يحدث داخل الصف.
المرشد الذي يسمّع درس التاريخ
في أغلب البلدان أشارك في جولةٍ مجانيةٍ لاكتشف المدينة برفقة مجموعةٍ صغيرةٍ من السياح. يرّحب المرشد بنا ويبدأ بالتحدث… أخبارًا وتواريخًا وقصصًا لا أتذكر منها شيئًا واحدًا مع انتهاء الجولة. تخيّل بأنك تسير لمدة ٣ ساعات وتستمع لشخصٍ يتكلم عن ملوكٍ وصراعاتٍ وحروبٍ وأزمات … صدقني وحدها روح المرح أو شخصيّة المرشد الفكاهيّة التي تخفف عنك.
يذكرني هذا المرشد بعددٍ كبيرٍ من الصفوف التّي شاهدتها حيث إن المدرّس يتكلم طوال الساعة والتلاميذ في كوكبٍ آخر. لقد مضى على هذه الطريقة زمن طويل فكل أبحاث الدّماغ تركز على التّعلم التعاوني وجعل المتعلم أو المستمع المحور.
المرشد الذي يستخدم بعض الصور
تعرّفت على هذا المرشد في بوخارست رومانيا… جولتان مجانيتان واحدةً عن الشيوعيّة والأخرى عن تاريخ العاصمة. وفي كل جولةٍ كان المرشد يستخدم بعض الخرائط والصور ليجعل العرض أكثر تفاعلًا… ولكن يظل المشارك في هذه الجولة السياحة متلقيًا للمعرفة مثل التلميذ في فصل العلوم الذي يشاهد أمامه المدرّس يقوم بالتجربة العلميّة فقط دون المشاركة الفعليّة. لقد تم الدمج بين حاستي السمع والنظر في تلك الجولة وفي هذا الصف، ولكن هذا لا يكفي بالطبع.
المرشد الذي يستخدم اللوح الإلكتروني iPad
تعرّفت على هذا المرشد في المكسيك. استبدل كل الخرائط والصور بعرضٍ قد يعتبره البعض تفاعلي.
يذكرني هذا المرشد بالمعلّم واللوح الذكي، حيث إن المدرّس بمجرد استخدامه لللوح اعتبر نفسه مواكبًا للتطور وجعل من عمليّة التعلم والتعليم أكثر متعةً. في الكثير من الأحيان اللوح الذكي تحوًل فقط إلى آلة عرضٍ غير تفاعليّة حيث يقوم الأستاذ باستخدام أقلام الحبر للكتابة على هذا اللوح لأنه لم يتعوّد على استخدام القلم الإلكتروني.
المشكلة فإذن ليست في المصادر أو في التكنولوجيا… المشكلة في عقليّة المرشد السياحي أو المعلّم الذي مازال يرى المتعلّم كإناءٍ فارغٍ يجب علينا بوقت قصير أن نعطيه كل ما لدينا من معرفة لملئ الإناء.
المرشد الرابع لم يختلف كثيرًا عن المرشدين الذين تكلّمت عنهم سابقًا، ولكن حديثي معه هو ما جعلني أفكر كثيرًا بعملية التعلّم والتّعليم. الحوار جرى بيني وبين مرشدٍ في مدغشقر… سألته كيف تعلّمت الإنكليزية؟ فأجاب: ” ١٠ بالمئة في المدرسة والباقي مجهودي الشخصي”.
في هذه اللحظة راودتني كلّ تلك الأسئلة:
ماذا حدث في المدرسة ولماذا لم يتعلم اللغة هناك؟
لماذا لا تدرس المدرسة المواضيع التّي تهمنا؟
كيف نجعل من التلاميذ متعلّمين مدى الحياة؟
كيف ننّمي حبّ اللغات داخل المجتمع المدرسيّ؟
لماذا تعلّم الانكليزيّة بمفرده؟
هذه الأسئلة المفتوحة تقودنا إلى الكثير من الإجابات… إلى الكثير من الأفكار… وإلى مزيدٍ من الأسئلة
أيّ مرشدٍ سياحيّ أنت؟ هل تتكلّم؟ تستخدم بعض الصور؟ هل تستخدم اللوح الذكيّ للعرض؟ أم هل أنت متعلّم مع التلاميذ تشاركهم رحلة تعلمك أيضًا.
هل تخصّص المدرسة وقتاً للتّعلم الذاتيّ ضمن الدوام المدرسيّ لتطوير مهارات المتعلمين؟
كيف نستفيد من المشاهد اليوميّة في الحياة لجعل عمليّة التعلّم أكثر عمقاً وأكثر جاذبيةً، تدور حول المتعلًم وليس فقط مجموعة من المعارف التّي يجب علينا أن نحفظها.
ما الذي تقوم به داخل صفك لجعل التلميذ محور عملية التعلّم والتّعليم؟
كيف تستطيع شركات السياحة والسفر الاستفادة من علم الدماغ ونظريات التعلّم لجعل الجولات السياحيّة أكثرتفاعلًا ومتعةً وتتمحور حول المسافر وليس المرشد ومعلوماته… الأمر سهل وبسيط:
١- على المرشد أن يقوم بالتعرّف على المسافرين لإنشاء روابط.
٢- على المرشد جعل المسافر المحور من خلال تضمينه الرحلة بعض ألعابٍ تفاعليّةٍ، استخدام المصادر الإلكترونية أو حتى بعض التطبيقات التي قد تحوّل العرض السمعي أو تسميع كتاب التاريخ إلى رحلة ٍعبر الزمن تدخل إلى عقل وقلب المسافر وتظل ترافقه للأبد…
نتذكر الأصدقاء، الرحلات، الاحتفالات، مواقف أثرّت بنا… وننسى كل ما تم حفظه غيبًا للامتحان… لأننا وبكل بساطة نتذكر المواقف التّي جعلت منّا المحور.
مقال أكثر من رائع… دائما أخبر طلابي انني استفيد من معلوماتهم التي يشاركوني إياها أثناء العمل في الوحدات البحثية واخبرهم ان لكل منهم بصمة خاصة فالمعلم هو ملهم لهم
قرأت المقال وتذكرت تلك اللحظات في الصف حيث يُلقى علينا سيلٌ من المعلومات دون تفاعل حقيقي. في رحلاتي، واجهت مرشدين يستخدمون الصور أو التكنولوجيا دون مشاركة فعلية، تمامًا كالمعلم الذي يستخدم الأدوات دون تفاعل حقيقي. أكثر ما أثر فيّ كان حديثي مع مرشد في مدغشقر، الذي تعلم الإنجليزية بمفرده بنسبة 90%. هذا الحوار دفعني للتفكير في مدى ضرورة جعل العملية التعليمية تفاعلية ومحورها الطالب. التعليم يجب أن يكون رحلة استكشافية، تفاعلية، تظل محفورة في الذاكرة، تمامًا كالجولات السياحية التي تبقى في ذاكرة
السائح. هذا ما يجعل التجربة حية وتبقى للأبد.
خلال يوم عطلتي مسكت هاتفي لعلي أجد شيء يثير اهتمامي وإذ مقالتك ظهرت لي على الواجهة والعنوان ملفت جدًا .. اصبح لدي رغبة في معرفة محتواها حيث أنك دائمًا تشغل بالي بالكثير من الأسئلة التي تجعل مني قائد وملهم … فالحياة محطات ومواقف وفي كل يوم درس وعبره … وخطر ببالي العديد من المعلمين الذين قابلتهم في حياتي العملية ولم يتركوا لي في حياتي أي أثر يذكر وعلى الصعيد الآخر خطرت ببالي معلمة وكانت تعلمنا الرياضة ولكن بطريقتها الخاصة جعلت مني متعلم مثقف وواثق من كل معلوماتي التي أحدثها للآخرين لانه اسلوبها يعتمد على البحث والاستكشاف والكتابة ملخصات … شكرًا علي أضفت ليوم إجازتي طعم خاص
مقال اكثر من رائع اثار لنا افكار مفيدة
المشكلة في العقلية الجامدة التى لاترغب في التطوير لكن نحاول
شكرا لهذه الأفكار الرائعة
المقال فعلا” جميل و نابع من خبرة معلم يفكر، يربط، و يتساأل عن دوره و عما فعله مع التلاميذ. كما أن انشاء علاقة مع الطالب هو شيء لا بد منه لتحقيق رحلة جميلة يكللها الطالب بالنجاح و حفظ الذكريات الجميلة عن معلم لا شك انه أثر به بطريقة جميلة و إيجابية. شكرا” على المقال الجميل!
فعلا. التعليم الذي يرتكز على التلقين والتحدث لايمكن الطالب من اكتساب المعرفه، فعلى المعلم جعل المتعلم مركز الرحله و مشاركته في عمليه البحث و تمكينه من ذلك من خلال المهام الموكله اليه للتعلم الذاتي ومدى الحياه.
مقال رائع جدا يناسب وحدة من اين نحن من الزمان والمكان وممكن جميع الوحدات ان شاءالله اطبقه مع صف أول بجمع صور ويتحدثون عن الاماكن او التحدث عن شخصيات
بارك الله فيك كلامك رائع
أوافقك الرأي يا علي تماما
مقال اكثر من رائع . . شكرا ىهذه الأفكار الرائعة